بدون سابق إنذار، أعلنت ياهو أمريكا عن شرائها لتطبيق صغير من يافع انجليزي
عمره 17 سنة، بمبلغ غير معلن، بلغ وفق تقديرات البعض 30 مليون دولار.
ماذا يفعل هذا التطبيق؟ تعطيه عنوان مقالة طويلة على انترنت، يلخصها لك فيما
لا يزيد عن حروف قليلة! كيف؟ وفق خوارزميات معقدة، توصل إليها هذا الشاب الصغير،
بينما كان يذاكر دروس التاريخ في مدرسته، وفكر كيف يصمم برنامج
يلخص المواضيع والمقالات الطويلة…
فجأة وبد
رأي البعض أن عملية الشراء هذه الغرض منها دعائي في المقام الأول، فالمديرة الحسناء الجديدة
ماريسا تريد أن تقول أن شركة ياهو لا زالت شابة، تدب فيها الحياة، وأنها شركة تبحث
عن الإبداع وتشتريه. لا يمكن أن نقلل من وجاهة تفسير مثل هذا، فالتطبيق
عمره شهور قليلة فقط، وصاحب التطبيق لا زال يدرس لامتحانات المرحلة الثانوية
ولم يدخل الجامعة بعد، وسيكون أصغر موظف يعمل في ياهو انجلترا. على الجهة الأخرى،
جاء الخبر بمثابة الصاعقة المدوية، وكتبت عنه أغلب وسائل الإعلام والنشر، شيء
لم تكن أي حيلة من جعبة أي شركة علاقات عامة لتعطي الأثر ذاته، حتى أن مدونة شبايك
خصصت تدوينة عن صاحب هذا التطبيق، قالت فيها:
’هل لديك فكرة فريدة؟ هل وجدت فراغا في السوق لا يسده أحدا؟ اذهب فورا وسد هذا الفراغ بتطبيق
أو بخدمة تقدمها بنفسك. المال موجود ينتظر من يبدع ليحصل عليه. هناك مستثمرون ينتظرن مثل
هذه الفكرة ليستثمروا فيها.‘ كان هذا جزء من حديث الشاب الانجليزي نك دالوزيو Nick D’Aloisio
في حوار تليفوني أجراه مع موقعرويترز. يعيش نك في ضاحية ويمبلدون في لندن، وهو حكى عن الإصدارة
الأولى من تطبيقه على هاتف آيفون وكان بعنوان Trimit أو: ’اختصرها‘، وكانت وظيفة هذا التطبيق
– الذي يعد النسخة الأولى من تطبيقه Summly(المجاني) الذي اشترته ياهو منذ يومين، كانت وظيفته
أن يختصر المقالات الطويلة على مواقع انترنت فيما لا يزيد عن ألف أو 500 أو 140 حرفا.
(لاحظ حرف لا كلمة!) (رابط التطبيق على متجر ابل)
بدأ نك (مواليد 1996) البرمجة لهاتف آيفون وعمره 12 سنة وتعلم بنفسه وبالتجربة،
وحين نشر تطبيقه تريمت في مارس 2011 لفت تطبيقه انتباه شركة ابل والتي اختارته لتذكره
على صفحة متجرها على أنه تطبيق يستحق الانتباه له والاهتمام به. هذا الاهتمام لم يتوقف،
إذ سارع ملياردير من هونج كونج اسمه: لي كا-شينغ باستثمار 300 ألف دولار في هذا التطبيق،
ليكون نك أصغر عصامي في العالم يحصل على تمويل من مستثمرين وعمره فقط 15 سنة. ماذا فعل نك؟
استغل ملاحظات المستخدمين على تريمت ليعود بنسخة ثانية من تطبيقه تحت اسم وتصميم وشكل جديد،
لينشره في ديسمبر 2011. في نوفمبر 2012 حصل نك على استثمارات قدرها مليون دولار
من عدة مستثمرين عالميين، هذه الاستثمارات جلبت معها المدراء والخبراء والمبرمجين والمحترفين.
بعدما بلغ عدد مستخدمي هذا التطبيق أكثر من نصف مليون مستخدم خلال 4 اسابيع، اشترته ياهو.
لكن بدون مزاح، لماذا اشترته ياهو؟ حسنا، كما تعلم شركة ياهو لديها شركات ومصادر
كثيرة وظيفتها إنتاج محتوى جديد، وبكلمة محتوى أقصد شركات نشر تنشر مقالات ومواضيع
وتقارير ودراسات وكل هذا. الناس اليوم ليس لديها وقت لتقرأ رسالة الغفران للمعري أو معلقة أبي سلمى،
بل تريد المختصر الوجيز والمفيد. حين يأتي تطبيق ويفلح في تلخيص مقالات بشكل ذكي ومفيد،
هذا كنز لا تفرط فيه. للتوضيح أكثر، حصل هذا التطبيق على جائزة أفضل تطبيق
في عام 2012 من شركة ابل. هل تريد اختصار موسوعة ويكيبيديا كلها؟ هذا التطبيق يمكنه ذلك،
والذي يزعم مطوره أنه وفر 28 سنة من حياة مستخدميه بفضل تلخيصه لهم المقالات الطويلة!
كيف سيربح التطبيق رغم أنه مجاني؟ من الناشرين، الذين سيرغبون في تلخيص مقالاتهم ليقرأها المزيد من الناس!
لعلك بعد قراءة مقالة مثل هذه ستتحسر على الوضع العربي، أو تقول هذه واحدة لا تتكرر،
أو تقول لقد هرمنا ولن تأتي علينا لحظة مثل هذه. لو فعلت فأنا قد فشلت. ما بدأت ألاحظه هو
أن النجاحات العربية لها نصيبها من هذه الدرجة الكبيرة، لكني أظن بأن أصحاب مثل هذه النجاحات
من العرب – في الأغلب – لا يعلنون عنها، ويفضلون التواري والكتمان عن الإفصاح والإعلان،
لسبب من الأسباب. ليس هذا وقت الشكوى، بل وقت التحفيز والنشاط. ابحث عن فكرة تفيد الناس،
توكل على الله، جاهد من أجل تنفيذ الفكرة، ولي حق أن أكون أول من ينشر تفاصيل رحلتك لقمة جبل النجاح!
تم بحمد الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق