الثلاثاء، 16 أبريل 2013

هل كانت غزوات النبي صلي الله عليه وسلم دمويه ؟؟؟

لم تكن حروب النبي صلى الله عليه وسلم حروب تخريبٍ كالحروب المعاصرة التي يحرص فيها المتقاتلون من غير المسلمين على إبادة مظاهر الحياة لدى خصومهم, بل كان النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون يحرصون أشدّ الحرص على الحفاظ على العُمران في كل مكان, ولو كان بلاد أعدائهم؛ فقد جاء في وصيّة الرسول صلى الله عليه وسلم لجيش مؤتة: "ولا تَقْطَعَنَّ شَجَرَةٍ وَلا تَعْقِرَنَّ نَخْلا ولا تَهْدِمُوا بَيْتًا"[1].

حروب غير دموية
تميَّزت حروب الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها حروب غير دموية، بمعنى أنها لم يكن فيها ما يُعرف الآن بجرائم إبادة الشعوب، حيث نجد فيما يُسمى بحضارات العالم الحديثة أن بعض الزعماء أخذوا قرارات نتج عنها إفناءٌ لِكَمٍّ هائلٍ من البشر في مدينة أو دولة أو أحيانًا قارة!. لكن حروب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن على هذه الصورة، ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصًا على تجنب القتال ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وإذا اضطر إليه حاول أن ينهيه بسرعة، وأثناء القتال نفسه كان يحفظ دماء المدنيين، وكذلك يحفظ دماء المستكرهين على القتال، ثم بعد القتال كان يعفو إذا ملك، ويسامح ويرحم إذا غَلَب. فجاءت حروب الرسول صلى الله عليه وسلم على مستوى من الرقي لا تعرفه – بل لا تفهمه – "الحضارات" الحديثة!

لغة الأرقام لا تكذب!
لقد قمت بإحصاء عدد الذين ماتوا في كل غزوات الرسول وحروبه صلى الله عليه وسلم، سواء من شهداء المسلمين، أو من قتلى الأعداء، ثم قمتُ بتحليل لهذه الأعداد، وربطها بما يحدث في عالمنا المعاصر، فوجدت عجبًا!!

لقد بلغ عدد شهداء المسلمين في كل معاركهم أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك على مدار عشر سنوات كاملة، 262 شهيدًا، وبلغ عدد قتلى أعدائه صلى الله عليه وسلم 1022 قتيلاً، وقد حرصت في هذه الإحصائية على جمع كل من قُتل من الطرفين حتى ما تم في حوادث فردية، وليس في حروب مواجهة، كما أنني حرصت على الجمع من الروايات الموثَّقة بصرف النظر عن الأعداد المذكورة، وذلك كي أتجنب المبالغات التي يقع فيها بعض المحققين بإيراد الروايات الضعيفة التي تحمل أرقامًا أقل[2]، وذلك لتجميل نتائج غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم![3]

وبذلك بلغ العدد الإجمالي لقتلى الفريقين 1284 قتيلاً فقط!!

ولكي لا يتعلل أحدٌ بأن أعداد الجيوش آنذاك كانت قليلة ولذلك جاء عدد القتلى على هذا النحو، فإنني قمت بإحصاء عدد الجيوش المشتركة في المعارك، ثم قمت بحساب نسبة القتلى بالنسبة إلى عدد الجيوش، فوجدت ما أذهلني!! إن نسبة الشهداء من المسلمين إلى الجيوش المسلمة تبلغ 1% فقط، بينما تبلغ نسبة القتلى من أعداء المسلمين بالنسبة إلى أعداد جيوشهم 2%! ، وبذلك تكون النسبة المتوسطة لقتلى الفريقين هي 1.5% فقط!

إن هذه النسب الضئيلة في معارك كثيرة بلغت 25 أو 27 غزوة[4]، و38 سرية[5]، أي أكثر من 63 معركة، لمن أصدق الأدلة على عدم دموية الحروب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

ولكي تتضح الصورة بشكل أكبر وأظهر فقد قمت بإحصاء عدد القتلى في الحرب العالمية الثانية – كمثال لحروب "الحضارات" الحديثة - ثم قمت بحساب نسبة القتلى بالقياس إلى أعداد الجيوش المشاركة في القتال، فصُدِمْتُ بمفاجأة مذهلة!!!

إن نسبة القتلى في هذه الحرب الحضارية بلغت 351% !!!

ومن جديد.. إن الأرقام لا تكذب!!!

لقد شارك في الحرب العالمية الثانية 15.600.000 جندي، ومع ذلك فعدد القتلى بلغ 54.800.000 قتيل!!!  أي أكثر من ثلاثة أضعاف الجيوش المشاركة!  وتفسير هذه الزيادة هو أن الجيوش المشاركة جميعًا – وبلا استثناء – كانت تقوم بحروب إبادة على المدنيين، وكانت تسقط الآلاف من الأطنان من المتفجرات على المدن والقرى الآمنة، فتبيد البشر، وتُفني النوع الإنساني، فضلاً عن تدمير البنى التحتية، وتخريب الاقتصاد، وتشريد الشعوب!!

لقد كانت كارثة إنسانية بكل المقاييس!

وليس خافيًا على أحد أن المشاركين في هذه المجازر كانت الدول التي تعرف آنذاك – والآن – بالدول المتحضرة الراقية! كبريطانيا وفرنسا وأمريكا وألمانيا وإيطاليا واليابان!

أي تحضر هذا؟!  وعن أي رقىًّ يتكلمون؟!

ثم أين أولئك الذين يصفون رسولنا صلى الله عليه وسلم بالعنف والإرهاب؟!

قارن هذه النسب المفجعة بما كان على عهد رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم.

إن العودة للأرقام سترد كل مُنصفٍ إلى جادَّة الطريق، أما من اختار العمى على الهدى فلا يلومنَّ إلا نفسه!!





[1] البيهقي في سننه الكبرى (17935).
[2] اعتمدت في حصر الأرقام على ما ورد أولاً في كتب الصحاح والسنن والمسانيد، ثم على روايات كتب السيرة بعد توثيقها، كسيرة ابن هشام، وعيون الأثر، وزاد المعاد، والسيرة النبوية لابن كثير، والطبري، وغيرهم.
[3] كما يذكر بعضهم أن شهداء حادثة بئر معونة هم سبعة وعشرون شهيدًا بينما الصواب سبعون شهيدًا، أو كما يُسقط بعضهم قتلى بني قريظة من الحساب بحجة أنهم لاقوا ما يستحقون نتيجة خيانتهم، بينما الصواب أن نثبتهم لأنها كانت معركة حقيقية بصرف النظر عن أسبابها! وهكذا.
[4] ابن القيم الجوزية: زاد المعاد 1/125، ابن حزم: جوامع السيرة 1/16.
[5] ابن كثير: السيرة النبوية 4/432.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تابعنا على الفيسبوك

Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية


جميع الحقوق محفوظة TH3 Professional security ©2010-2013 | جميع المواد الواردة في هذا الموقع حقوقها محفوظة لدى ناشريها ، نقل بدون تصريح ممنوع . Privacy-Policy| اتفاقية الاستخدام|تصميم : ألوان بلوجر