الاثنين، 15 أبريل 2013

تفسير قوله تعالى الم " سورة البقره"

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الم ( 1 ) ) 
قَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ الَّتِي فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : هِيَ مِمَّا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ ، فَرَدُّوا عِلْمَهَا إِلَى اللَّهِ ، وَلَمْ يُفَسِّرُوهَا [ حَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِهِ ، وَقَالَهُ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ ، وَاخْتَارَهُ ص: 157 ] أَبُو حَاتِمِ بْنِ حِبَّانَ ] . 

وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهَا ، وَاخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فِي مَعْنَاهَا ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ السُّوَرِ [ قَالَ الْعَلَّامَةُ أَبُو الْقَاسِمِ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ : وَعَلَيْهِ إِطْبَاقُ الْأَكْثَرِ ، وَنَقَلَهُ عَنْ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ ] ، وَيَعْتَضِدُ هَذَا بِمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ : " الم السَّجْدَةِ " ، وَهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ 

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ : " الم " ، وَ " حم " ، وَ " المص " ، وَ " ص " ، فَوَاتِحُ افْتَتَحَ اللَّهُ بِهَا الْقُرْآنَ . 

وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ : عَنْ مُجَاهِدٍ وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ شِبْلٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْهُ ، أَنَّهُ قَالَ : " الم " ، اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْقُرْآنِ . 

وَهَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ ، وَلَعَلَّ هَذَا يَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى قَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ السُّوَرِ ، فَإِنَّ كُلَّ سُورَةٍ يُطْلَقُ عَلَيْهَا اسْمُ الْقُرْآنِ ، فَإِنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ " المص " اسْمًا لِلْقُرْآنِ كُلِّهِ ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ إِلَى فَهْمِ سَامِعِ مَنْ يَقُولُ : قَرَأْتُ " المص " ، إِنَّمَا ذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنْ سُورَةِ الْأَعْرَافِ ، لَا لِمَجْمُوعِ الْقُرْآنِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . 

وَقِيلَ : هِيَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى . فَقَالَ الشَّعْبِيُّ فَوَاتِحُ السُّوَرِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَكَذَلِكَ قَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيُّ الْكَبِيرُ ، وَقَالَ شُعْبَةُ عَنِ السُّدِّيُّ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ : " الم " اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ . هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ 

وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بُنْدَارٍ ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ شُعْبَةَ ، قَالَ : سَأَلْتُ السُّدِّيَّ عَنْ " حم " وَ " طس " وَ " الم " ، فَقَالَ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هِيَ اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ . 

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ ، عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ [ وَحُكِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ ] . 

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ قَسَمٌ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ ، وَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى 

وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ : " الم " ، قَسَمٌ . 

وَرَوَيَا - أَيْضًا - مِنْ حَدِيثِ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِي الضُّحَى ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : " الم " ، قَالَ : أَنَا اللَّهُ أَعْلَمُ . 

وَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، وَقَالَ السُّدِّيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ ص: 158 ] مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الم " . قَالَ : أَمَّا " الم " فَهِيَ حُرُوفٌ اسْتُفْتِحَتْ مِنْ حُرُوفِ هِجَاءِ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى . 

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( الم قَالَ : هَذِهِ الْأَحْرُفُ الثَّلَاثَةُ مِنَ التِّسْعَةِ وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا دَارَتْ فِيهَا الْأَلْسُنُ كُلُّهَا ، لَيْسَ مِنْهَا حَرْفٌ إِلَّا وَهُوَ مِفْتَاحُ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ ، وَلَيْسَ مِنْهَا حَرْفٌ إِلَّا وَهُوَ مِنْ آلَائِهِ وَبَلَائِهِ ، وَلَيْسَ مِنْهَا حَرْفٌ إِلَّا وَهُوَ فِي مُدَّةِ أَقْوَامٍ وَآجَالِهِمْ . قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَعَجِبَ ، فَقَالَ : وَأَعْجَبُ أَنَّهُمْ يَنْطِقُونَ بِأَسْمَائِهِ وَيَعِيشُونَ فِي رِزْقِهِ ، فَكَيْفَ يَكْفُرُونَ بِهِ ؛ فَالْأَلِفُ مِفْتَاحُ اسْمِ اللَّهِ ، وَاللَّامُ مِفْتَاحُ اسْمِهِ " لَطِيفٍ " وَالْمِيمُ مِفْتَاحُ اسْمِهِ " مَجِيدٍ " فَالْأَلِفُ آلَاءُ اللَّهِ ، وَاللَّامُ لُطْفُ اللَّهِ ، وَالْمِيمُ مَجْدُ اللَّهِ ، وَالْأَلِفُ سَنَةٌ ، وَاللَّامُ ثَلَاثُونَ سَنَةً ، وَالْمِيمُ أَرْبَعُونَ [ سَنَةً ] . هَذَا لَفْظُ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ وَنَحْوُهُ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ ، ثُمَّ شَرَعَ يُوَجِّهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَيُوَفِّقُ بَيْنَهَا ، وَأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَبَيْنَ الْآخَرِ ، وَأَنَّ الْجَمْعَ مُمْكِنٌ ، فَهِيَ أَسْمَاءُ السُّوَرِ ، وَمِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى يُفْتَتَحُ بِهَا السُّوَرُ ، فَكُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا دَلَّ عَلَى اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ ، كَمَا افْتَتَحَ سُوَرًا كَثِيرَةً بِتَحْمِيدِهِ وَتَسْبِيحِهِ وَتَعْظِيمِهِ . قَالَ : وَلَا مَانِعَ مِنْ دَلَالَةِ الْحَرْفِ مِنْهَا عَلَى اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ ، وَعَلَى صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ ، وَعَلَى مُدَّةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، كَمَا ذَكَرَهُ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ؛ لِأَنَّ الْكَلِمَةَ الْوَاحِدَةَ تُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ ، كَلَفْظَةِ الْأُمَّةِ فَإِنَّهَا تُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الدِّينُ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ ) [ الزُّخْرُفِ : 22 ، 23 ] . وَتُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا الرَّجُلُ الْمُطِيعُ لِلَّهِ ، كَقَوْلِهِ : ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) [ النَّحْلِ : 120 ] وَتُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا الْجَمَاعَةُ ، كَقَوْلِهِ : ( وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ ) [ الْقَصَصِ : 23 ] ، وَقَوْلُهُ : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا ) [ النَّحْلِ : 36 ] وَتُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا الْحِينُ مِنَ الدَّهْرِ كَقَوْلِهِ : ( وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ) [ يُوسُفَ : 45 ] أَيْ : بَعْدَ حِينٍ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ ، قَالَ : فَكَذَلِكَ هَذَا . 

هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ مُوَجَّهًا ، وَلَكِنَّ هَذَا لَيْسَ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ ، فَإِنَّ أَبَا الْعَالِيَةِ زَعَمَ أَنَّ الْحَرْفَ دَلَّ عَلَى هَذَا ، وَعَلَى هَذَا ، وَعَلَى هَذَا مَعًا ، وَلَفْظَةُ الْأُمَّةِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي الِاصْطِلَاحِ ، إِنَّمَا دَلَّ فِي الْقُرْآنِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ ، فَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى مَجْمُوعِ مَحَامِلِهِ إِذَا أَمْكَنَ فَمَسْأَلَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ ، لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ الْبَحْثِ فِيهَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ؛ ثُمَّ إِنْ لَفْظَ الْأُمَّةِ تَدُلُّ عَلَى كُلِّ مَعَانِيهِ فِي سِيَاقِ الْكَلَامِ بِدَلَالَةِ الْوَضْعِ ، فَأَمَّا دَلَالَةُ الْحَرْفِ الْوَاحِدِ عَلَى اسْمٍ يُمْكِنُ أَنْ يَدُلَّ عَلَى اسْمٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فِي التَّقْدِيرِ أَوِ الْإِضْمَارِ بِوَضْعٍ وَلَا بِغَيْرِهِ ، فَهَذَا مِمَّا لَا يُفْهَمُ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ ، وَالْمَسْأَلَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا ، وَلَيْسَ فِيهَا إِجْمَاعٌ حَتَّى يُحْكُمَ بِهِ . 

ص: 159 ] 

وَمَا أَنْشَدُوهُ مِنَ الشَّوَاهِدِ عَلَى صِحَّةِ إِطْلَاقِ الْحَرْفِ الْوَاحِدِ عَلَى بَقِيَّةِ الْكَلِمَةِ ، فَإِنَّ فِي السِّيَاقِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا حُذِفَ بِخِلَافِ هَذَا ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ : 


قُلْنَا قِفِي لَنَا فَقَالَتْ قَافَ لَا تَحْسَبِينَا قَدْ نَسِينَا الْإِيجَافَ


تَعْنِي : وَقَفْتُ . وَقَالَ الْآخَرُ : 


مَا لِلظَّلِيمِ عَالَ كَيْفَ لَا يَا     يَنْقَدُّ عَنْهُ جِلْدُهُ إِذَا يَا 


قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ : إِذَا يَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا ، فَاكْتَفَى بِالْيَاءِ مِنْ يَفْعَلُ ، وَقَالَ الْآخَرُ : 


بِالْخَيْرِ خَيْرَاتٌ وَإِنْ شَرًّا فَا     وَلَا أُرِيدُ الشَّرَّ إِلَّا أَنْ تَا 


يَقُولُ : وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ ، وَلَا أُرِيدُ الشَّرَّ إِلَّا أَنْ تَشَاءَ ، فَاكْتَفَى بِالْفَاءِ وَالتَّاءِ مِنَ الْكَلِمَتَيْنِ عَنْ بَقِيَّتِهِمَا ، وَلَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . 

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَفِي الْحَدِيثِ : مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ الْحَدِيثَ . قَالَ شَقِيقٌ هُوَ أَنْ يَقُولَ فِي اقْتُلْ : إِقْ ] . 

وَقَالَ خَصِيفٌ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، أَنَّهُ قَالَ : فَوَاتِحُ السُّوَرِ كُلُّهَا " ق " وَ " ص " وَ " حم " وَ " طسم " وَ " الر " وَغَيْرُ ذَلِكَ هِجَاءٌ مَوْضُوعٌ . وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ : هِيَ حُرُوفٌ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ ، اسْتُغْنِيَ بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهَا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ عَنْ ذِكْرِ بِوَاقِيهَا ، الَّتِي هِيَ تَتِمَّةُ الثَّمَانِيَةُ وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ : ابْنِي يَكْتُبُ فِي : ا ب ت ث ، أَيْ : فِي حُرُوفِ الْمُعْجَمِ الثَّمَانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ فَيُسْتَغْنَى بِذِكْرِ بَعْضِهَا عَنْ مَجْمُوعِهَا . حَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ 

قُلْتُ : مَجْمُوعُ الْحُرُوفِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ بِحَذْفِ الْمُكَرَّرِ مِنْهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَرْفًا ، وَهِيَ : ا ل م ص ر ك ي ع ط س ح ق ن ، يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ : نَصٌّ حَكِيمٌ قَاطِعٌ لَهُ سِرٌّ . وَهِيَ نِصْفُ الْحُرُوفِ عَدَدًا ، وَالْمَذْكُورُ مِنْهَا أَشْرَفُ مِنَ الْمَتْرُوكِ ، وَبَيَانُ ذَلِكَ مِنْ صِنَاعَةِ التَّصْرِيفِ . 

قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَهَذِهِ الْحُرُوفُ الْأَرْبَعَةُ عَشَرَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أَنْصَافِ أَجْنَاسِ الْحُرُوفِ يَعْنِي مِنَ الْمَهْمُوسَةِ وَالْمَجْهُورَةِ ، وَمِنَ الرِّخْوَةِ وَالشَّدِيدَةِ ، وَمِنَ الْمُطْبَقَةِ وَالْمَفْتُوحَةِ ، وَمِنَ الْمُسْتَعْلِيَةِ وَالْمُنْخَفِضَةِ وَمِنْ حُرُوفِ الْقَلْقَلَةِ . وَقَدْ سَرَدَهَا مُفَصَّلَةً ثُمَّ قَالَ : فَسُبْحَانَ الَّذِي دَقَّتْ فِي كُلِّ شَيْءٍ حِكْمَتُهُ ، وَهَذِهِ الْأَجْنَاسُ الْمَعْدُودَةُ ثَلَاثُونَ بِالْمَذْكُورَةِ مِنْهَا ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ مُعْظَمَ الشَّيْءِ وَجُلَّهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ كُلِّهِ ] . 

ص: 160 ] 

وَمِنْ هَاهُنَا لَحَظَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ كَلَامًا ، فَقَالَ : لَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الْحُرُوفَ لَمْ يُنْزِلْهَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَبَثًا وَلَا سُدًى ؛ وَمَنْ قَالَ مِنَ الْجَهَلَةِ : إِنَّهُ فِي الْقُرْآنِ مَا هُوَ تَعَبُّدٌ لَا مَعْنًى لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ ، فَقَدْ أَخْطَأَ خَطَأً كَبِيرًا ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ لَهَا مَعْنًى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، فَإِنْ صَحَّ لَنَا فِيهَا عَنِ الْمَعْصُومِ شَيْءٌ قُلْنَا بِهِ ، وَإِلَّا وَقَفْنَا حَيْثُ وَقَفْنَا ، وَقُلْنَا : ( آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ) [ آلِ عِمْرَانَ : 7 ] . 

وَلَمْ يُجْمِعِ الْعُلَمَاءُ فِيهَا عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا ، فَمَنْ ظَهَرَ لَهُ بَعْضُ الْأَقْوَالِ بِدَلِيلٍ فَعَلَيْهِ اتِّبَاعُهُ ، وَإِلَّا فَالْوَقْفُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ . هَذَا مَقَامٌ . 

الْمَقَامُ الْآخَرُ فِي الْحِكْمَةِ الَّتِي اقْتَضَتْ إِيرَادَ هَذِهِ الْحُرُوفِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ ، مَا هِيَ ؟ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مَعَانِيهَا فِي أَنْفُسِهَا . فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّمَا ذُكِرَتْ لِنَعْرِفَ بِهَا أَوَائِلَ السُّوَرِ . حَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّ الْفَصْلَ حَاصِلٌ بِدُونِهَا فِيمَا لَمْ تُذْكَرْ فِيهِ ، وَفِيمَا ذُكِرَتْ فِيهِ بِالْبَسْمَلَةِ تِلَاوَةً وَكِتَابَةً . 

وَقَالَ آخَرُونَ : بَلِ ابْتُدِئَ بِهَا لِتُفْتَحَ لِاسْتِمَاعِهَا أَسْمَاعُ الْمُشْرِكِينَ - إِذْ تَوَاصَوْا بِالْإِعْرَاضِ عَنِ الْقُرْآنِ - حَتَّى إِذَا اسْتَمَعُوا لَهُ تُلِيَ عَلَيْهِمُ الْمُؤَلَّفُ مِنْهُ . حَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا - ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ السُّوَرِ لَا يَكُونُ فِي بَعْضِهَا ، بَلْ غَالِبُهَا لَيْسَ كَذَلِكَ ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ - أَيْضًا - لَانْبَغَى الِابْتِدَاءُ بِهَا فِي أَوَائِلِ الْكَلَامِ مَعَهُمْ ، سَوَاءٌ كَانَ افْتِتَاحَ سُورَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ . ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ وَالَّتِي تَلِيهَا أَعْنِي الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ مُدْنِيَّتَانِ لَيْسَتَا خِطَابًا لِلْمُشْرِكِينَ ، فَانْتَقَضَ مَا ذَكَرُوهُ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ . 

وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ إِنَّمَا ذُكِرَتْ هَذِهِ الْحُرُوفُ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِيهَا بَيَانًا لِإِعْجَازِ الْقُرْآنِ ، وَأَنَّ الْخَلْقَ عَاجِزُونَ عَنْ مُعَارَضَتِهِ بِمِثْلِهِ ، هَذَا مَعَ أَنَّهُ [ تَرَكَّبَ ] مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ الَّتِي يَتَخَاطَبُونَ بِهَا . 

وَلِهَذَا كُلُّ سُورَةٍ افْتُتِحَتْ بِالْحُرُوفِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا الِانْتِصَارُ لِلْقُرْآنِ وَبَيَانُ إِعْجَازِهِ وَعَظَمَتِهِ ، وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالِاسْتِقْرَاءِ ، وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي تِسْعٍ وَعِشْرِينَ سُورَةً ، وَلِهَذَا يَقُولُ تَعَالَى : ( الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ ) [ الْبَقَرَةِ : 1 ، 2 ] . ( الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 1 - 3 ] . المص كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ ) [ الْأَعْرَافِ : 1 ، 2 ] . الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ) [ إِبْرَاهِيمَ : 1 ] ( الم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) [ السَّجْدَةِ : 1 ، 2 ] . ( حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) [ فُصِّلَتْ : 1 ، 2 ] . ( حم عسق كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) [ الشُّورَى : 1 - 3 ] ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ لِمَنْ أَمْعَنَ النَّظَرَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . 

ص: 161 ] 

وَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمَدَدِ ، وَأَنَّهُ يُسْتَخْرَجُ مِنْ ذَلِكَ أَوْقَاتُ الْحَوَادِثِ وَالْفِتَنِ وَالْمَلَاحِمِ ، فَقَدِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ ، وَطَارَ فِي غَيْرِ مَطَارِهِ ، وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ أَدَلُّ عَلَى بُطْلَانِ هَذَا الْمَسْلَكِ مِنَ التَّمَسُّكِ بِهِ عَلَى صِحَّتِهِ . وَهُوَ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ ، صَاحِبُ الْمُغَازِي ، حَدَّثَنِي الْكَلْبِيُّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِئَابٍ ، قَالَ : مَرَّ أَبُو يَاسِرِ بْنُ أَخْطَبَ ، فِي رِجَالٍ مِنْ يَهُودَ ، بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ يَتْلُو فَاتِحَةَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ : ( الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ ) [ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ) [ الْبَقَرَةِ : 1 ، 2 ] فَأَتَى أَخَاهُ حُيَيَّ بْنَ أَخْطَبَ فِي رِجَالٍ مِنَ الْيَهُودِ ، فَقَالَ : تَعْلَمُونَ - وَاللَّهِ - لَقَدْ سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَتْلُو فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ : ( الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ فَقَالَ : أَنْتَ سَمِعْتَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَمَشَى حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ فِي أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَقَالُوا : يَا مُحَمَّدُ ، أَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّكَ تَتْلُو فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ : ( الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا [ رَيْبَ ] ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَلَى . فَقَالُوا : جَاءَكَ بِهَذَا جِبْرِيلُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ . قَالُوا : لَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ قَبْلَكَ أَنْبِيَاءَ مَا نَعْلَمُهُ بَيَّنَ لِنَبِيٍّ مِنْهُمْ مَا مُدَّةَ مُلْكِهِ وَمَا أَجَلُ أُمَّتِهِ غَيْرَكَ . فَقَامَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ ، وَأَقْبَلَ عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ ، فَقَالَ لَهُمْ : الْأَلِفُ وَاحِدَةٌ ، وَاللَّامُ ثَلَاثُونَ ، وَالْمِيمُ أَرْبَعُونَ ، فَهَذِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ سَنَةً ، أَفَتَدْخُلُونَ فِي دِينِ نَبِيٍّ ، إِنَّمَا مُدَّةُ مُلْكِهِ وَأَجَلُ أُمَّتِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ سَنَةً ؟ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، هَلْ مَعَ هَذَا غَيْرُهُ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : مَا ذَاكَ ؟ قَالَ : " المص " ، قَالَ : هَذَا أَثْقَلُ وَأَطْوَلُ ، الْأَلِفُ وَاحِدَةٌ ، وَاللَّامُ ثَلَاثُونَ ، وَالْمِيمُ أَرْبَعُونَ ، وَالصَّادُ سَبْعُونَ ، فَهَذِهِ إِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ . هَلْ مَعَ هَذَا يَا مُحَمَّدُ غَيْرُهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : مَا ذَاكَ ؟ قَالَ : " الر " . قَالَ : هَذَا أَثْقَلُ وَأَطْوَلُ ، الْأَلِفُ وَاحِدَةٌ ، وَاللَّامُ ثَلَاثُونَ ، وَالرَّاءُ مِائَتَانِ . فَهَذِهِ إِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَمِائَتَا سَنَةٍ . فَهَلْ مَعَ هَذَا يَا مُحَمَّدُ غَيْرُهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : مَاذَا ؟ قَالَ : " المر " . قَالَ : فَهَذِهِ أَثْقَلُ وَأَطْوَلُ ، الْأَلِفُ وَاحِدَةٌ ، وَاللَّامُ ثَلَاثُونَ ، وَالْمِيمُ أَرْبَعُونَ ، وَالرَّاءُ مِائَتَانِ ، فَهَذِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ وَمِائَتَانِ ، ثُمَّ قَالَ : لَقَدْ لُبِّسَ عَلَيْنَا أَمْرُكَ يَا مُحَمَّدُ ، حَتَّى مَا نَدْرِي أَقَلِيلَا أُعْطِيتَ أَمْ كَثِيرًا . ثُمَّ قَالَ : قُومُوا عَنْهُ . ثُمَّ قَالَ أَبُو يَاسِرٍ لِأَخِيهِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ ، وَلِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْأَحْبَارِ : مَا يُدْرِيكُمْ ؟ لَعَلَّهُ قَدْ جُمِعَ هَذَا لِمُحَمَّدٍ كُلُّهُ إِحْدَى وَسَبْعُونَ وَإِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَمِائَةٌ وَإِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَمِائَتَانِ وَإِحْدَى وَسَبْعُونَ وَمِائَتَانِ ، فَذَلِكَ سَبْعُمِائَةٍ وَأَرْبَعُ سِنِينَ . فَقَالُوا : لَقَدْ تَشَابَهَ عَلَيْنَا أَمْرُهُ ، فَيَزْعُمُونَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ نَزَلَتْ فِيهِمْ : ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 7 ] . 

ص: 162 ] 

فَهَذَا مَدَارُهُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيِّ ، وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُحْتَجُّ بِمَا انْفَرَدَ بِهِ ، ثُمَّ كَانَ مُقْتَضَى هَذَا الْمَسْلَكِ إِنْ كَانَ صَحِيحًا أَنْ يُحْسَبَ مَا لِكُلِّ حَرْفٍ مِنَ الْحُرُوفِ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا ، وَذَلِكَ يَبْلُغُ مِنْهُ جُمْلَةً كَثِيرَةً ، وَإِنْ حُسِبَتْ مَعَ التَّكَرُّرِ فَأَتَمُّ وَأَعْظَمُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ . 

تفسير ابن كثير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تابعنا على الفيسبوك

Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية


جميع الحقوق محفوظة TH3 Professional security ©2010-2013 | جميع المواد الواردة في هذا الموقع حقوقها محفوظة لدى ناشريها ، نقل بدون تصريح ممنوع . Privacy-Policy| اتفاقية الاستخدام|تصميم : ألوان بلوجر