( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ ( 13 ) )
يَقُولُ [ اللَّهُ ] تَعَالَى : وَإِذَا قِيلَ لِلْمُنَافِقِينَ : ( آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ ) أَيْ : كَإِيمَانِ النَّاسِ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ [ ص: 182 ] وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، مِمَّا أَخْبَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَعَنْهُ ، وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي امْتِثَالِ الْأَوَامِرِ وَتَرْكِ الزَّوَاجِرِ ( قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ )يَعْنُونَ - لَعَنَهُمُ اللَّهُ - أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالسُّدِّيُّ فِي تَفْسِيرِهِ ، بِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ، وَبِهِ يَقُولُ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَغَيْرُهُمْ ، يَقُولُونَ : أَنَصِيرُ نَحْنُ وَهَؤُلَاءِ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ وَعَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُمْ سُفَهَاءُ ! !
وَالسُّفَهَاءُ : جَمْعُ سَفِيهٍ ، كَمَا أَنَّ الْحُكَمَاءَ جَمْعُ حَكِيمٍ [ وَالْحُلَمَاءَ جَمْعُ حَلِيمٍ ] وَالسَّفِيهُ : هُوَ الْجَاهِلُ الضَّعِيفُ الرَّأْيِ الْقَلِيلُ الْمَعْرِفَةِ بِمَوَاضِعِ الْمَصَالِحِ وَالْمَضَارِّ ؛ وَلِهَذَا سَمَّى اللَّهُ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ سُفَهَاءَ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا ) [ النِّسَاءِ : 5 ] قَالَ عَامَّةُ عُلَمَاءِ السَّلَفِ : هُمُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ .
وَقَدْ تَوَلَّى اللَّهُ ، سُبْحَانَهُ ، جَوَابَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا ، فَقَالَ ( أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ ) فَأَكَّدَ وَحَصَرَ السَّفَاهَةَ فِيهِمْ .
( وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ ) يَعْنِي : وَمِنْ تَمَامِ جَهْلِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ بِحَالِهِمْ فِي الضَّلَالَةِ وَالْجَهْلِ ، وَذَلِكَ أَرْدَى لَهُمْ وَأَبْلَغُ فِي الْعَمَى ، وَالْبُعْدِ عَنِ الْهُدَى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق