هَذِه الارْض هِي الَّتِي وَرَد ذِكْرُهَا فِي الْقُرْان الْكَرِيْم فِي سُوْرَة الْقْلُم .
وَالْقِصَّة مَشْهُوْرَة وَيُطْلَق عَلَيْهَاقُصَّة أَصْحَاب الْجَنَّة .
هَذِه هِي قِصَّة أَصْحَاب الْجَنَّة الَّذِيْن ذَكَرَهُم الْلَّه عَز وَجَّل فِي سُوْرَة الْقْلُم
وَالْقِصَّة مَشْهُوْرَة وَيُطْلَق عَلَيْهَاقُصَّة أَصْحَاب الْجَنَّة .
هَذِه هِي قِصَّة أَصْحَاب الْجَنَّة الَّذِيْن ذَكَرَهُم الْلَّه عَز وَجَّل فِي سُوْرَة الْقْلُم
كَان يُحْكَى عَن قَرْيَة اسْمُهَا ( ضَرَوَان ) فِي الْيَمَن
وَكَان هُنَالِك شَيْخ كَبِيْر عِنْدَه مَزْرَعَة كَبِيْرَة غُنْيَة بِمَحَاصِيْلَهَا
وَكَان هَذَا الْشَّيْخ لَا يَنْسَى حُصَّة الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِيْن وَيَتَصَدَّق بِمَا رَزَقَه الْلَّه عَز وَجَّل .
تُوُفِّي هَذَا الْشَّيْخ بَعْد أَن أَوْصَى أَوْلَادِه أَلَا يَسْتَثْنُوْا حُصَّة الْمُحْتَاجِيْن وَلَكِنَّهُم خَانُوْا أَمَانَة وَالِدُهُم
وَمَنَعُوا الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِيْن مِن دُخُوْل الْمَزْرَعَة فَحَل غَضِب الْلَّه عَز وَجَّل عَلَيْهِم
فَطَاف عَلَى الْمَزْرَعَة طَائِف مِّن رَبُّك وَهُم نَائِمُوْن فَاحْتَرَقَت بِالْكَامِل . أَي احْتِرَاق هَذَا ؟
كُلّا لَم تَحْتَرِق الْأَشْجَار فَقَط بَل احْتَرَقَت الْأَرْض مَعَهَا وَتَحَوَّلَت الَى شَيْئ لَا يِسْتَوْعِبَه الْعَقْل .
رَغْم اهمّيّة هَذِه الْقِصَّة ، وَمَكَانَتِهَا فِي كُتُب الْتَّفْسِيْر وَالْتَّارِيْخ
الَا انَهَا لَم تَاخُذ حَقَّهَا فِي شَبَكَة الانْتَرْنِت .
عِنْد الْبَحْث عَن الْقِصَّة تَجِد كَلَاما مُبَسَّطَا عَنْهَا
ثُم مُقَطَّع فِيِدْيُو لِلْدَّاعِيَة عَمْرُو خَالِد مِن الّيُوتيُوب فَقَط .
وَكُل الْمَوَاضِيْع فِي كُل الْمُنْتَدَيَات تُظْهِر نَفْس الْكَلَام
" بِنَفْس تقنيّة سَرِقَة الْمَوَاضِيْع الْمَعْرُوْفَة " وَنَفْس الْمَقْطَع الْفِيَدِيُو .
رُغْم ان الْفِيَدِيُو يَتَكَلَّم عَن الْقِصَّة وَيَعْرِض الْمَوْقِع مُبَاشَرَة
الَا انَّه غَيْر كَافِي عَلَى الْاطْلاق وَلَا يَظْهَر الْمِنْطَقَة بِشَكْل وَاضِح بِسَبَب جَوَدَتّة الْرَّدِيْئَة جَدَّا
وَلَانَّه يُرَكَّز عَلَى كَلَام الْدَّاعِيَة اكْثَر مِن تَرَكِيزَة عَلَى مَشْهَد الْمِنْطَقَة نَفْسَهَا .
المقطع كما وجدتهُ
قَد يَكُوْن الْمَوْضُوْع طَوَيْلَا بَعْض الْشَّيْئ
لَكِنِّي تَعَمَّدْت ذَلِك حَتَّى اعْطِي هَذِه الْقِصَّة وَالْمَنْطِقَة حَقَّهَا الْكَامِل
لِلْظُهُوْر امَام مُتَصَفِحِي الانْتَرْنِت فِي كُل مَكَان
وَلَاعَرَف الْجَمِيْع عَن هَذِه الْمِنْطَقَة الْمُهْمَلَه مِن ارْض الْيَمَن
وَالَّتِي امْتَلَات كُتِب الْتَّارِيْخ وَالْتَّفَاسِيْر بِذِكْرِهَا واهْمْلْتِهَا وَسَائِل الْاعْلَام الْحَدِيثَة .
وَلَان هَذَا هُو اوَّل ظُهُوْر حَقِيْقِي مُوَثَّق ، فَقَد وَجَب ان يَكُوْن ظُهُوْرَا مُتَكَامِلَا حَسَب الامْكَان .
الْقِصَّة الَّتِي اخِذْت حَيَّزَا مِن سُوْرَة الْقْلُم ، تَحْكِي عَن جَنَّة عَظِيْمَة زَاخِرَة بِالْخَيْرَات
كَانَت لِرَجُل طَيِّب يُعْطِي الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِيْن نَصِيْبَهُم مِن نِتَاجِهَا وَلَا يَبْخَل عَلَيْهِم .
ثُم مَات وَوَرِثَهَا ابْنَاءَه مِن بَعْدِه لَكِنَّهُم كَانُوْا ابْخَل مِن ابِيْهِم
وَّقَرَّرُوْا ان يُحْرَمُوْا الْمَسَاكِيْن مِن حِصَّتَهُم الَّتِي تَعُوْدُوْا ان يَاخُذُوْهَا مِن الَّاب
وَعَزَمُوا فِي احَد الْايّام انَّهُم سَيَذْهَبُوْن الَيْهَا صَبَاح الْيَوْم الْتَّالِي لِيَحْصُدُوا ثِمَارِهَا بِالْكَامِل
حَتَّى لَا يَبْقَى شَيْئ لْيَاخُذِه الْفُقَرَاء بَعْدِهِم
وَنَامُوْا لَيْلَتَهُم تِلْك وَهُم عَازِمُوْن عَلَى تَنْفِيْذ ذَلِك الْقَرَار .
لَكِن الْلَّه غَضَب مِن قَرَارِهِم هَذَا وَارَاد ان يُعْطِيَهُم دَرْسَا عَظِيْمَا وَعِبْرَة
لِكُل مَن ارَاد ان يَصْنَع مَثَلُهُم الَى يَوْم الْقِيَامَة
حَيْث ارْسَل الْلَّه جَلَّت قُدْرَتُة عَلَى تِلْك الْجَنَّة نَارا عَظِيْمَة
احْرَقْتِهَا بِالْكَامِل فِي لَيْلَة وَاحِدَة وَهُم نَائِمُوْن .
وَلَم يَكُن احْتِرَاقَا عَادِيَّا كَمَا يُحَدِّث لّلاشْجَار وَالْغَابَات فِي الْحَالَات الْعَادِيَّة
بَل كَان احْتِرَاقَا رَهِيْبَا تَجَلَّت فِيْه قُدْرَة الْلَّه وُغُضُبَّة
وَتَحَوَّلَت الْجَنَّة الَى شَيْئ رَهِيْب وَمُخِيف لَا يَسْتَوعَبة الْعَقْل .
هَذِه الْصُوَر تُوَضِّح شَكْل الْمِنْطَقَة مِن الْاعْلَى
حَيْث يَظْهَر حَجْم الْدَّمَار وَالاحْتِرَاق الَّذِي لَحِق بِالْمِنْطَقَة
وَنُلاحِظ مَوْقِع الْمِنْطَقَة شَمَال الْعَاصِمَة صَنْعَاء
وَحَجَّم الْمِنْطَقَة الْمَحْرُوْقَة مُقَارَنَة بِحَجْم مَدِيْنَة صَنْعَاء
لَاحِظُوا الاتِّسَاع الْكَبِيْر لْمِنْطَقَة الْحِمَم الْبُرْكَانِيَّة وَالَّتِي كَانَت جَنَّة عَامِرَة
وَتَحَوُّل الْمَكَان الَى لَيْل اسْوَد لَا يُصَدَّق مِن يَرَاه انّه كَان جَنَّة خَضْرَاء قَبْل تِلْك الْلَّيْلَة .
وَفِي الْصَّبَاح ، ذَهَب اصْحَاب الْجَنَّة لِيُنَفِّذُوا مَا عَزَمُوا عُلَيَّة فِي الْيَوْم الْسَّابِق
لَكِنَّهُم تَوَقَّفُوا فِي ذُهُوْل وَرُعْب لِيُشَاهِدُوَا امَامهُم ارْضَا سَوْدَاء مُوْحِشَة وَمُرْعِبَة بَدَلا عَن الْجَنَّة
فَاسْتَدَارُوْا عَائِدِيْن مِن حَيْث اتَوْا لِاعْتِقَادِهِم انَّهُم قَد اخَطَاوا الْطَّرِيْق
وَهُم غَيْر مُسْتَوْعِبِيْن لِلْمَشْهَد الْمُرْعِب الَّذِي رَاوَه لِتَوِّهِم .
ثُم بْدَاو الْسِيَر مُجَدَّدَا مَن الْبِدَايَة لِيَتَاكَّدُوا مِن الْطَرِيْق الْصَّحِيْح نَحْو جَنَّتِهِم
لَكِنَّهُم يُفَاجِئُوُن بِنَفْس الْمَكَان الْمُرْعِب .
عِنْدَئِذ يَتَاكِّدُون انَّهُم لَم يخَطَاوا الْطَّرِيْق وَان هَذِه الارْض الْمَحْرُوْقَة هِي فِعْلَا جَنَّتِهِم
وَقَد غَضِب الْلَّه عَلَيْهَا بِسَبَب نَيَّتُهُم حِرْمَان الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِيْن مِن الْصَّدَقَة
الَّتِي تَعُوْد عَلَيْهَا ابُوْهُم .
شَاهِدُهَا مَعيّ عَلَى يَمِيْن الْطَّرِيْق مِن بَعِيْد الْخَط الاسْوَد يُمْتَد عَلَى الَّافُق
بَعد الإقْتَرِب
إكْمَال الْطَّرِيْق سَيْرَا عَلَى الْاقْدَام
احْتِرَاق رَهِيْب ... لَا يَصَدَقة الْعَقْل ، ....
فَقَد تُبْدُوْا الْمِنْطَقَة بُرْكَانِيَّة عَادِيّة ، لَكِنَّهَا لَيْسَت كَذَلِك
لِانَّهُا مِنْطَقَة صَب الْلَّه عَلَيْهَا غَضَبِه وَنِقْمَتِه
وَحَوْلَهَا مِن جِنَّة خَضْرَاء لِهَذِه الْحَالَة الَّتِي تَرَوْنَهَا ..
قَال تَعَالَى :
" إِنَّا بَلَوْنَاهُم كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَاب الْجَنَّة إِذ أَقْسَمُوْا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِيْن (17) وَلَا يَسْتَثْنُوْن (18)
فَطَاف عَلَيْهَا طَائِف مِن رَبِّك وَهُم نَائِمُوْن (19) فَأَصْبَحَت كَالَّصَّرِيْم (20) فَتَنَادَوْا مُصْبِحِيْن (21)
أَن اغْدُوَا عَلَى حَرْثِكُم إِن كُنْتُم صَارِمِيْن (22) فَانْطَلَقُوْا وَهُم يَتَخَافَتُون (23)
أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْم عَلَيْكُم مِّسْكِين (24) وَغَدَوْا عَلَى حَرْد قَادِرِيْن (25) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوْا إِنَّا لَضَالُّوْن (26)
بَل نَحْن مَحْرُوْمُوْن (27) قَال أَوْسَطُهُم أَلَم أَقُل لَكُم لَوْلَا تُسَبِّحُوْن (28)
قَالُوْا سُبْحَان رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِيْن (29) فَأَقْبَل بَعْضُهُم عَلَى بَعْض يَتَّلَاوَمُوْن (30)
قَالُوْا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِيَن (31) عَسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُوْن (32)
كَذَلِك الْعَذَاب وَلَعَذَاب الْآَخِرَة أَكْبَر لَو كَانُوْا يَعْلَمُوْن (33)" سُوْرَة الْقَلَم .
الْصُّخُوْر حَادَّة جَدَّا حَتَّى انَّها قَد تَمَّزَق الاحذَّيْه والأقَدام
وَالْامْر الْعَجِيْب ان لِهَذِه الْصُّخُوْر زَنَيْن زُجَاجِي
فَعِنْدَمَا تَدُق عَلَيْهَا تُسْمِع صَوْتَا تَمَامَا كَانَّك تَدُق عَلَى كَاس زُجَاجِي ..
مِمَّا جَاء فِي تَفْسِيْر ابْن كَثِيْر لِهَذِه الْايَات
* هَذَا مَثَل ضَرَبَه الْلَّه تَعَالَى لِكُفَّار قُرَيْش
فِيْمَا أَهْدَى إِلَيْهِم مِن الْرَّحْمَة الْعَظِيْمَة وَأَعْطَاهُم مِن الْنِّعْمَة الْجَسْيمَة
وَهُو بَعْثَة مُحَمَّد صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم إِلَيْهِم فَقَابَلُوْه بِالْتَّكْذِيْب وَالْرَّد وَالْمُحَارَبَة
وَلِهَذَا قَال تَعَالَى : { إِنَّا بَلَوْنَاهُم } أَي اخْتَبَرْنَاهُم : { كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَاب الْجَنَّة }
وَهِي الْبُسْتَان الْمُشْتَمِل عَلَى أَنْوَاع الْثِّمَار وَالْفَوَاكِه : { إِذ أَقْسَمُوْا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِيْن }
أَي حَّلَفُوُا فِيْمَا بَيْنَهُم لِيُجَذِّن ثَمَرَهَا لَيْلَا لِئَلَّا يَعْلَم بِهِم فَقِيْر وَلَا سَائِل لِيَتَوَفَّر ثَمَرَهَا عَلَيْهِم
وَلَا يَتَصَدَّقُوْا مِنْه بِشَيْء : { وَلَا يَسْتَثْنُوْن } أَي فِيْمَا حَّلَفُوُا بِه وَلِهَذَا حِنْثِهِم الْلَّه فِي أَيْمَانِهِم
فَقَال تَعَالَى : { فَطَاف عَلَيْهَا طَائِف مِن رَبِّك وَهُم نَائِمُوْن } أَي أَصَابَتْهَا آَفَة سَمَاوِيَّة : { فَأَصْبَحَت كَالَّصَّرِيْم }
* قَال ابْن عَبَّاس كَالْلَّيْل الْأَسْوَد وَقَال الْثَّوْرِي وَالْسُّدِّي مِثْل الْزَّرْع إِذَا حُصِد أَي هَشِيْمُا يَبَسَا
" { فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوْا إِنَّا لَضَالُّوْن } أَي فَلَمَّا وَصَلُوْا إِلَيْهَا وَأَشْرَفُوا عَلَيْهَا وَهِي عَلَى الْحَالَة الَّتِي
قَال الْلَّه عَز وَجَل قَد اسْتَحَالَت عَن تِلْك الْنَّضَارَة وَالْزَّهْرَة وَكَثْرَة الْثِّمَار إِلَى أَن صَارَت سَوْدَاء
مُدْلَهِمَّة لَا يُنْتَفَع بِشَيْء مِنْهَا فَاعْتَقَدُوْا أَنَّهُم قَد أَخْطَأُوْا الْطَّرِيْق وَلِهَذَا قَالُوْا :
{ إِنَّا لَضَالُّوْن } أَي قَد سَلَكْنَا إِلَيْهَا غَيْر الْطَّرِيْق فَتُهْنَا عَنْهَا قَالَه ابْن عَبَّاس وَغَيْرِه "
* ثُم قَد ذَكَر بَعْض الْسَّلَف أَن هَؤُلَاء قَد كَانُوْا مِن أَهْل الْيَمَن , قَال سَعِيْد بْن جُبَيْر :
كَانُوْا مِن قُرَيَّة يُقَال لَهَا ضَرَوَان عَلَى سِتَّة أَمْيَال مِن صَنْعَاء
وَهَذَا مِمَّا جَاء فِي تَفْسِيْر الْقُرْطُبِي
* قَوْلُه تَعَالَى : " إِنَّا بَلَوْنَاهُم " يُرِيْد أَهْل مَكَّة,
وَالِابْتِلَاء الِاخْتِبَار.
وَالْمَعْنَى أَعْطَيْنَاهُم أَمْوَالِا لِيَشْكُرُوْا لَا لَّيَبَطِرُوا , فَلَمَّا بَطِرُوا وَعَادُوْا مُحَمَّدا صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
ابْتُلَيْنَاهُم بِالْجُوْع وَالْقَحْط كَمَا بَلَوْنَا أَهْل الْجَنَّة الْمَعْرُوْف خَبَرَهَا عِنْدَهُم.
وَذَلِك أَنَّهَا كَانَت بِأَرْض الْيَمَن بِالْقُرْب مِنْهُم عَلَى فَرَاسِخ مِن صَنْعَاء " وَيُقَال بِفَرْسَخَيْن "
وَكَانَت لِرَجُل يُؤَدِّي حَق الْلَّه تَعَالَى مِنْهَا , فَلَمَّا مَات صَارَت إِلَى وَلَدِه
فَمُنِعُوا الْنَّاس خَيْرَهَا وَبَخُلُوا بِحَق الْلَّه فِيْهَا , فَأَهْلَكَهَا الْلَّه مِن حَيْث لَم يُمْكِنْهُم دُفِع مَا حَل بِهَا.
* قَال الْكَلْبِي : كَان بَيْنَهُم وَبَيْن صَنْعَاء فَرْسَخَان , ابْتَلَاهُم الْلَّه بِأَن أُحَرِّق جَنَّتِهِم .
وَقِيْل : هِي جَنَّة بِضُوْران ، وضَورَان عَلَى فَرْسَخ مِن صَنْعَاء
وَكَان أَصْحَاب هَذِه الْجَنَّة بَعْد رَفْع عِيْسَى عَلَيْه الْسَّلَام بِيَسِيْر " وَكَانُوْا بُخَلَاء "
فَكَانُوْا يَجِدُوْن الْتَّمْر لَيْلَا مِن أَجْل الْمَسَاكِيْن ، وَكَانُوْا أَرَادُوْا حَصَاد زَرْعِهَا وَقَالُوْا :
لَا يَدْخُلُهَا الْيَوْم عَلَيْكُم مِّسْكِين ، فَغَدَوْا عَلَيْهَا فَإِذَا هِي قَد اقْتُلِعَت مِن أَصْلِهَا فَأَصْبَحَت
كَالَّصَّرِيْم أَي كَالْلَّيْل , وَيُقَال أَيْضا لِلْنَّهَار صُرَيْم , فَإِن كَان أَرَاد الْلَّيْل فَلَا سَوَاد مَوْضِعِهَا.
وَكَأَنَّهُم وَجَدُّوا مَوْضِعِهَا حَمْأَة ..
وَإِن كَان أَرَاد بِالصَّرْيم الْنَّهَار فَـ لذَهَاب الْشَّجَر وَالزَّرْع وَنَقَاء الْأَرْض مِنْه "
وَالْمَعْنَى أَعْطَيْنَاهُم أَمْوَالِا لِيَشْكُرُوْا لَا لَّيَبَطِرُوا , فَلَمَّا بَطِرُوا وَعَادُوْا مُحَمَّدا صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
ابْتُلَيْنَاهُم بِالْجُوْع وَالْقَحْط كَمَا بَلَوْنَا أَهْل الْجَنَّة الْمَعْرُوْف خَبَرَهَا عِنْدَهُم.
وَذَلِك أَنَّهَا كَانَت بِأَرْض الْيَمَن بِالْقُرْب مِنْهُم عَلَى فَرَاسِخ مِن صَنْعَاء " وَيُقَال بِفَرْسَخَيْن "
وَكَانَت لِرَجُل يُؤَدِّي حَق الْلَّه تَعَالَى مِنْهَا , فَلَمَّا مَات صَارَت إِلَى وَلَدِه
فَمُنِعُوا الْنَّاس خَيْرَهَا وَبَخُلُوا بِحَق الْلَّه فِيْهَا , فَأَهْلَكَهَا الْلَّه مِن حَيْث لَم يُمْكِنْهُم دُفِع مَا حَل بِهَا.
* قَال الْكَلْبِي : كَان بَيْنَهُم وَبَيْن صَنْعَاء فَرْسَخَان , ابْتَلَاهُم الْلَّه بِأَن أُحَرِّق جَنَّتِهِم .
وَقِيْل : هِي جَنَّة بِضُوْران ، وضَورَان عَلَى فَرْسَخ مِن صَنْعَاء
وَكَان أَصْحَاب هَذِه الْجَنَّة بَعْد رَفْع عِيْسَى عَلَيْه الْسَّلَام بِيَسِيْر " وَكَانُوْا بُخَلَاء "
فَكَانُوْا يَجِدُوْن الْتَّمْر لَيْلَا مِن أَجْل الْمَسَاكِيْن ، وَكَانُوْا أَرَادُوْا حَصَاد زَرْعِهَا وَقَالُوْا :
لَا يَدْخُلُهَا الْيَوْم عَلَيْكُم مِّسْكِين ، فَغَدَوْا عَلَيْهَا فَإِذَا هِي قَد اقْتُلِعَت مِن أَصْلِهَا فَأَصْبَحَت
كَالَّصَّرِيْم أَي كَالْلَّيْل , وَيُقَال أَيْضا لِلْنَّهَار صُرَيْم , فَإِن كَان أَرَاد الْلَّيْل فَلَا سَوَاد مَوْضِعِهَا.
وَكَأَنَّهُم وَجَدُّوا مَوْضِعِهَا حَمْأَة ..
وَإِن كَان أَرَاد بِالصَّرْيم الْنَّهَار فَـ لذَهَاب الْشَّجَر وَالزَّرْع وَنَقَاء الْأَرْض مِنْه "
هَذِه الْجَنَّة هِي ارْض فِي الْيَمَن تُبْعِد مَا يُقَارِب الْعِشْرِيْن كِيْلُوَمِتْر شَمَال مَدِيْنَة صَنْعَاء
فِي مُنْتَصَف الْطَرِّيْق الْمُؤَدِّي الَى مُحَافَظَة ( عِمْرَان ) وَهِي تَقَع بِالْقُرْب مِن الْقَرْيَة
الْمَذْكُوْرَة فِي الْتَّفَاسِيْر وَالَّتِي تُسَمَّى ( ضَرَوَان ) وَلَا زَالَت تُحَمِّل هَذَا الِاسْم الَى يَوْمِنَا هَذَا .
الْمِنْطَقَة كَبِيْرَّة جَدَّا وَهِي مَحْرُوْقَة بِالْكَامِل ، فِعْلَا كَالْلَّيْل الاسْوَد كَمَا وَصَفَهَا الْمُفَسِّرُوْن
وَهِي لَيْسَت ارْض مَيْتَة لَا تَخْرُج الزَّرْع فَحَسْب ، بَل انَهَا تُمَزِّق الاحْذِيَة
وَتُدْمِي الاقْدَام احَيَانَا عِنْد الْسَيْر وَالتَّوَغُّل فِيْهَا لِان احِجَارِهَا حَادَّة وَمُدِّبَبة !! .
وَلَا عَجَب ان اصَاحِبِهَا ذُهِلُوا لِرُؤْيَتِهَا وَاعْتَقَدُوْا انَّهُم اخَطَاوا الْطَّرِيْق
لِان مَن يَرَى تِلْك الارْض لَا يُصَدَّق انَّهَا كَانَت جَنَّة عَظِيْمَة عَامِرَة بِالاشْجَار وَالْثِّمَار .
ومَما يلَفَت الإنْتِبَاهِ مُنَزَّل قَدِيْم
حَيثّ يَبْدُوَا الْمَنْزِل وَكَانَّه عَاصَر الْحَدَث ، حَيْث يَبْدُوَا سَقْفُه مُغَطَّى بِالْحُمَم ..
" وَلَعَل قُوَّة نِيْرَان " حُرَّة ضَرَوَان " ، وَشِدَّة قَذَفَهَا لِلْحِمَم ، وَارْتِفَاع لَهِيْبُهَا..
هِي الَّتِي دَفَعَت أَهْل الْيَمَن إِلَى الْتَّعَبُّد لَهَا ، وَالْتَّحَاكُم إِلَيْهَا ، فَقَد كَانُوْا يَذْهَبُوْن إِلَيْهَا
لِيَتَحَاكَمُوا عِنْدَهَا فِيْمَا يَحْدُث عِنْدَهُم مِّن خِلَاف ، وَالْرَّأْي عِنْدَهُم ، أَن الْنَّار تُخْرِج
فَتَأْكُل الْظَّالِم وَتُنْصِف الْمَظْلُوْم ، وَقَد كَانَت " حُرَّة " نَشِطَة عَاشَت أَمَدَا طَوِيْلَا
كَمَا يَظْهَر مِن وَصْف الْهَمْدَانِي ، وَوَصَلَت حُمَمَها إِلَى مَسَافَات بَعِيدَة عَن الْحُرَّة "
** .... وَخُلَاصَة الْقَوْل :
هَذَا هُو مَا يَحْدُث عِنْدَمَا يَحِل غَضَب الْلَّه بِبِلَاد مَا ..
وَهَذِه هِي الْعِبْرَة الَّتِي ابْقَّاهَا الْلَّه لِكُل مَنيَمْنَع الْصَّدَقَة..
فَـ حَتَّى لَو لَم تَطُلَّه هَذِه الْنَّار فِي الْدُّنْيَا كَمَا طَالَت هَذِه الْجَنَّة ، فَـ لَن يَهْرُب مِنْهَا فِي الْاخِرَة ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق